اوسلو / صوت النرويج
أفحم رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، الرئيس الأمريكي "أوباما"، عبر مقاله "لا.. يا سيد أوباما"، مذكراً إياه بضربة الملك عبدالله، رحمه الله، على طاولة لقائهما الأخير، قائلاً: "لا خطوط حمراء منك"، ذلك رداً على حديث الرئيس الأمريكي الذي نقلته مجلة "ذا أتلانتك" تحت عنوان: "عقيدة أوباما" والذي تطرق فيه للسعودية، ونقلته الصحف العالمية تحت عنوان: "أوباما يهاجم السعودية ويكره العرب"؛ حيث أثار حديث "أوباما" موجة من السخرية بين المسلمين في الولايات المتحدة والدول الإسلامية؛ بينما لاقى مقال الأمير تركي استحسان العرب والمسلمين؛ لما جاء به من حقائق عن الرئيس الأمريكي.
وجاء فيما نقلته المجلة قول "أوباما"، إن إندونيسيا تحولت من دولة مسلمة هادئة إلى دولة أصولية؛ حيث إن أعداداً كبيرة من النساء حالياً يرتدين الحجاب، وأن ذلك يأتي بسبب أموال السعودية وبعض دول الخليج التي تدعم الأئمة والمدرسين وتموّل المدارس الإسلامية، وأن الإسلام في إندونيسيا اختلف عما كان عليه حين كان يعيش هناك على مدى أربع سنوات.
وأتت ردة الفعل على حديث "أوباما" بين المسلمين ساخرة، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكي يبدو أنه لا يعلم أن غالبية المسلمات المهاجرات ومن أسلمن سابقاً أو حديثاً من الأمريكيات يرتدين الحجاب حتى داخل بلاده، فهو فرض على جميع المسلمات في كل المذاهب، فهل نعتبر أن أمريكا دولة أصولية لسماحها بالحجاب؟!
وعلق البعض بالقول، إن كانت السعودية ساعدت في التزام المسلمات في إندونيسيا على الالتزام بالحجاب فذلك الفعل دليل على أنها ترعى الإسلام والمسلمين في كل مكان، وتحرص على التزامهم بتعاليم الدين المعتدلة والمتسامحة.
وقال الأمير تركي الفيصل في مقال بصحيفة "الشرق الاوسط" بعنوان: "لا.. يا سيد أوباما"، رداً على قصة "عقيدة أوباما" الذي نشرته المجلة الأمريكية، إن السعودية ليست الدولة التي تمتطي ظهور الآخرين لتبلغ مقاصدها، وإنها شاركت معلوماتها التي منعت عن أمريكا هجمات قاتلة.
وأضاف: "السعودية هي من كانت المبادرة في تكوين التحالف الذي يقاتل "داعش" ويدرب ويدعم السوريين الأحرار الذين يقاتلون الإرهابي الأكبر بشار الأسد والإرهابيين الآخرين، وهي من تحارب العقائد المتطرفة التي تسعى لخطف الدين الإسلامي على كل الجبهات، وهي الممول الوحيد لمركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة".
وتابع: "السعودية هي من تساهم في دعم أمريكا بشراء سندات حكومية أمريكية منخفضة الفوائد، وتبتعث آلاف الطلبة للولايات المتحدة وبتكلفة عالية، كما أنها (السعودية) هي من تستضيف أكثر من 30 ألف مواطن أمريكي، وبأجور مرتفعة".
ونال مقال الأمير تركي الفيصل "لا.. يا سيد أوباما"، الذي نُشر في عدد اليوم في صفحة "الرأي"، استحسان العرب والمسلمين؛ لرده المفحم بالحقائق على الرئيس الأمريكي؛ حيث قال الأمير فيه: "نحن لسنا من يمتطي ظهور الآخرين لنبلغ مقاصدنا، نحن من شاركناك معلوماتنا التي منعت هجمات إرهابية قاتلة على أمريكا، نحن المبادرون إلى عقد الاجتماعات التي أدت إلى تكوين التحالف الذي يقاتل فاحش (داعش)، ونحن من ندرب وندعم السوريين الأحرار، الذين يقاتلون الإرهابي الأكبر بشار الأسد، والإرهابيين الآخرين النصرة وفاحش".
وأضاف: "نحن من قدّم جنودنا لكي يكون التحالف أكثر فعالية في إبادة الإرهابيين، ونحن من بادر إلى تقديم الدعم العسكري والسياسي والإنساني للشعب اليمني، ليستردّ بلاده من براثن ميليشيا الحوثيين المجرمة التي حاولت، بدعم من القيادة الإيرانية، احتلال اليمن، ومن دون أن نطلب قواٍت أمريكية".
وتابع: "نحن الذين أسسنا تحالفاً ضم أكثر من ثلاثين دولة مسلمة، لمحاربة كل أطياف الإرهاب في العالم، ونحن أكبر متبرع للنشاطات الإنسانية التي ترعى اللاجئين السوريين واليمنيين والعراقيين، ونحن من يحارب العقائد المتطرفة التي تسعى لاختطاف ديننا، وعلى كل الجبهات".
وبين: "نحن الممولون الوحيدون لمركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، الذي يجمع القدرات المعلوماتية والسياسية والاقتصادية والبشرية من دول العالم، ونحن من يشتري السندات الحكومية الأمريكية ذات الفوائد المنخفضة التي تدعم بلادك، ونحن من يبتعث آلاف الطلبة إلى جامعات بلادك، وبتكلفة عالية، لكي ينهلوا من العلم والمعرفة، ونحن من يستضيف أكثر من ثلاثين ألف مواطن أمريكي، وبأجور مرتفعة، لكي يعملوا بخبراتهم في شركاتنا وصناعاتنا".
وواصل: "إنّ وزيري خارجيتك ودفاعك شكَرا، علناً، وفي مناسبات عدة، التعاون المشترك بين بلدينا، إنّ وزارة خزانتك امتدحت، عدة مرات، إجراءات المملكة في كبح أي تمويل يمكن أن يصل إلى الإرهابيين، لقد التقى بك ملكنا سلمان، في سبتمبر الماضي، وقبل أن تخرج تأكيداتك بأن الاتفاق النووي الذي عقدته مع القيادة الإيرانية سيمنعها من تطوير السلاح النووي إلى مدى الاتفاق. ولقد أكدت أنت "دور المملكة القيادي في العالمين العربي والإسلامي". أنت وملكنا أكدتما على وجه الخصوص "ضرورة مناهضة النشاطات الإيرانية التخريبية".
واستطرد: "الآن تنقلب علينا، وتتهمنا بتأجيج الصراع الطائفي في سوريا واليمن والعراق. وتزيد الطين بلة بدعوتنا إلى أن نتشارك مع إيران في منطقتنا، إيران التي تصفها أنت بأنها راعية للإرهاب، والتي وعدت "بمناهضة نشاطاتها التخريبية"، هل هذا نابع من استيائك من دعم المملكة للشعب المصري، الذي هبّ ضد حكومة الإخوان المسلمين التي دعمتها أنت؟ أم هو نابع من ضربة مليكنا الراحل عبدالله، رحمه الله، على الطاولة في لقائكما الأخير؛ حيث قال لك: "لا خطوط حمراء منك، مرة أخرى، يا فخامة الرئيس".
وزاد: "أم إنك انحرفت بالهوى إلى القيادة الإيرانية إلى حدّ أنك تساوي بين صداقة المملكة المستمرة لثمانين عاماً مع أمريكا، وقيادة إيرانية مستمرة في وصف أمريكا بأنها العدو الأكبر والشيطان الأكبر، والتي تُسلّح وتمّول وتؤيد الميليشيات الطائفية في العالمين العربي والإسلامي، والتي ما زالت تؤوي قيادات "القاعدة" حتى الآن، والتي تمنع انتخاب رئيس في لبنان من قِبَل "حزب الله" المصنف من حكومتك بأنه منظمة إرهابية، والتي تمعن في قتل الشعب السوري العربي؟".
واختتم: "لا.. يا سيد أوباما، نحن لسنا من أشرت إليهم بأنهم يمتطون ظهور الآخرين لنيل مقاصدهم، نحن نقود في المقدمة، ونقبل أخطاءنا ونصحّحها، وسنستمر في اعتبار الشعب الأمريكي حليفنا، ولن ننسى -عندما حِمي الوطيس- وقفة جورج هربرت ووكر بوش معنا، وإرساله الجنود الأمريكيين ليشتركوا معنا في صدّ العدوان الصدامي على الكويت، حين وقفوا مع جنودنا كتفاً لكتف، يا سيد أوباما، هذا نحن".
المصدر: الشرق الاوسط/ صوت النرويج